أين ثأثأة القمة.. من بلاغة أطفال غزة؟! ـ

هذه قـُبلة على رأس غزة
غزة... يا رمز العزة، يا فخر الأمة، يا عنوان الكرامة. ويا أهل غزة... يا من رفعتم رءوسنا، يا من علمتم الدنيا كلها معنى الصمود والاستهانة بالموت؛ الأمة كلها مدينة لكم بالاعتذار. أمة أصابها الوهن وباتت توصف بالأمة الميتة، ولكنكم والله الذي لا إله إلا هو برهنتم على أنها أمة حية وأن النار تحت الرماد. والحقيقة أيها الأبطال أننا- حتى الآن- لا نستحق أن تـُنسبوا إلينا كعرب، فأين كل العرب من أطفال غزة الذين يلقوننا يوميا دروس البطولة والرجولة؟.. أين المُثـَأثـِئـُون في القمم العربية الخائبة من بلاغة أطفال غزة؟. إنني أشعر- من دروس تاريخ الأنبياء والمجاهدين العظماء ومعاناتهم وصقلهم- أن الله تعالى يُعِد أطفال غزة ومجاهديها لقيادة العالم. هؤلاء فتية آمنوا بربهم ووثقوا بوعده سبحانه وتعالى بنصر الفئة القليلة المؤمنة على أخسّ وأحَط وأنذل قوة على وجه الأرض.. لم يكسرهم الحصار والجوع، ولم ترهبهم المذابح والمحارق، ولم تثنهم الخيانات من حولهم، ولم تيئسهم قلة السلاح، فمن يتوكل على الله فهو حسبه، ومن يخْش الله لا يخشى غيره. لكم منا نحن الواهنون المقصرون الآثمون كل التحية والتقدير، وكما فرحتم بقوافل شهدائكم- السابقون إلى الجنة- فسوف تفرحون بنصر الله الذي لا يخلف الميعاد وسوف تحررون أرضكم بأيديكم.
والشيء المحزن أن يكون الدم العربي والمسلم- في زمن الوهن العربي- هو مهر الناخبين أو الرشوة الانتخابية في الكيان الصهيوني المتعطش للدماء، وكذلك في أمريكا المنافقة. ولكننا لم نكن لنتصور أن يأتي يوم يطبق فيه هذا المبدأ على العرب في انتخابات عربية. فقد أسقط في يد الفاشلين الواهنين الفاسدين عندما فازت حماس في انتخابات حرة.. واتفقت المصالح بين من أبعدتهم صناديق الانتخاب عن السلطة وانكشف فسادهم، وبين من يناصبون أي نظام إسلامي العداء لأسباب معروفة، وبين العدو الصهيوني الذي لا يستطيع التعامل إلا مع الفاسدين المستعدين لبيع الوطن والشرف والكرامة. استطاع العدو أن يتحالف مع السلطة الواهنة وبعض الأطراف العربية- للأسف- للتخلص من السلطة الشرعية في غزة، وأعطوه الضوء الأخضر لبدء محرقة غزة.. متناسين أن العدو لا عهد له، وأنه لا يفوت فرصة لتدمير كل شيء وقتل كل من يوقعه حظه في طريقه. وليت هؤلاء تواروا بعد انتصار غزة، ولكنهم بدأوا يعاونون العدو في تحقيق ما فشلت آلته العسكرية الوحشية في تحقيقه بالصمت (والتواطؤ) في مسألة منع مرور الأسلحة للمجاهدين، وبترك المشردين الذين دمرت بيوتهم في العراء بعرقلة عمليات التعمير والإيواء لعل جماهير غزة تيأس وتكفر بالمقاومة ولا تنتخب مرشحيها في الانتخابات القادمة. ولم يخجل محمود عباس من إعلان مطالبه الأربعة بعد انتصار غزة والتي تتضمن سرعة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.. وسط هذا الدمار والخراب، مع العلم بأن المجلس التشريعي الحالي لم تنته مدته الدستورية كما انتهت مدة عباس. كما لم يخجل من تزامن تصريحاته هذه مع زعم العدو أنه نجح في إضعاف سلطة حماس (لصالح تقوية سلطة عباس).. أين حمرة الخجل؟.
أما عن قمة الوهن العربي، فكما توقعنا.... فشلت أسوأ قمة عربية في الارتفاع إلى مستوى الجماهير العربية التي انتفضت بشكل غير مسبوق بسبب محرقة غزة، التي كانت كفيلة بجعل الحجر ينطق ويتحرك. قمة فاشلة ككل قمة، ولا نعتقد أن الفاشلين في السياسة يمكن أن يفلحوا في الاقتصاد.. لذا فنحن لا نتوقع أي تقدم اقتصادي أو اجتماعي في ظل هذه المنظومة العربية البائسة. كان المفروض أن تـُقوّي الهبَّة الشعبية ظهر الأنظمة العربية لتتجرأ وتفعل شيئا، أو تقول لبني صهيون (لا).. ولكن لا يجب علينا الإفراط في التفاؤل، فهذا هو مستوى النظام العربي الرسمي حيث الإفلاس السياسي والاستراتيجي، ولا أمل في أي تغيير حتى وإن دخل العدو إلى غرف نومهم. ولا شك أن الأنظمة العربية تدرك جيدا أن محرقة غزة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ويفهمون أن العدو ينتظر أية فرصة لتكرار المحرقة داخل أو خارج فلسطين.. فالعدو يريد أن يرهبنا ويقول لنا أن هذا هو مصير دبي والقاهرة والرياض ودمشق والدار البيضاء.. الخ، إن لم تستسلم الشعوب كما استسلمت الأنظمة، وتدمير بغداد قبل غزة- بطريقة مشابهة- ليس بعيدا. وقد أثبت البيان الختامي الهزيل انعدام الخبرة العربية الرسمية في إدارة الصراع، فقد صدعونا في كل قمة بحكاية المصالحة، وتضييع الوقت في كل اجتماع لهذه المصالحة العجيبة التي تشبه تخاصم الأطفال ويغلب عليها الجانب الشخصي الذي ينبغي ألا يكون له تأثير على العلاقات بين الدول، ناهيك عن الأشقاء. والعجب العجاب أن تضر المصالحة ولا تنفع، فقد أدت إلى تجاهل مقررات قمة الدوحة (المعقولة نسبيا) وتنازل الرافضون للوهن العربي لصالح فريق الاستسلام. ولعل من أهم أسباب هذه الخيبة العربية عدم احترام مبدأ حق الاختلاف وأنه لا يفسد للود قضية.. فالاختلاف ظاهرة صحية وموجود في أي تجمع بشري، والبحث عن سراب (الإجماع) هو الذي يُحدث الفرقة، فماذا يضير القادة العرب إن أصدروا قرارا بالأغلبية؟، أليس هذا متنفسا لمن يرفض القرار لاعتبارات لا يجرؤ بالإفصاح عنها ويكون قد أدى ما عليه أمام من يخشاهم على اعتبار أنه حاول ولم يفلح؟، أم أنه الخوف من المساءلة وردود الفعل الشعبية؟.. وإذا كانت الأخيرة؛ فمنذ متى كان للشعوب العربية أي اعتبار؟!. وبالعودة إلى البيان الختامي الهزيل نجد الإصرار العربي غير المبرر على الاحتفاظ بورقة محروقة تسمى المبادرة العربية للسلام، العدو يقيم المذابح الوحشية ويحرق ويدمر كل شيء في غزة.. والعرب متمسكون بشيء اسمه (السلام!). من سوء حظ الفلسطينيين أنهم ينتمون إلى هذا العالم العربي الواهن، فلو كانوا من غير العرب وقدموا هذه النماذج المشرفة من البطولة والصبر والصمود وحدث لهم ما يحدث في غزة لوقفت الدنيا كلها معهم. فالعالم يتعامل معهم للأسف من خلال الأنظمة العربية التي يجمعها كيان هلامي اسمه الجامعة العربية والتي فهمت خطأ أن الانحناء (المبكر) أمام الإدارة الأمريكية الجديدة سوف (يُحنّن) قلب أوباما عليهم، ولكنه أثبت لهم وبسرعة- رغم تصريحاته الانتخابية التي جعلت البعض يتفاءل- أنه أو غيره لن يكون عربيا أكثر من العرب، وأن الانحناء يغري بالامتطاء. وقد تضمن البيان الختامي الهزيل أيضا (المطالبة) بالتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها العدو الصهيوني.. مجرد مطالبة، أي كلام عام دون آليات محددة وتكليفات أو توزيع للأدوار؛ وليتفرق دم الفلسطينيين بين الـ 22 قبيلة عربية. وهذا شأن كل مؤتمراتنا العربية عموما حيث الديباجات والكلام المنسق المخصص للإعلام فقط ثم يوضع بالأدراج.
لم ينتبه الكثيرون إلى أخطر تطور حدث بعد انتصار غزة، والذي يثبت أنه انتصار عظيم ويبرهن كذلك على أن الحرب الصليبية لم تنته بعد. فالمعركة هي أول معركة على الأرض الفلسطينية بين أصحاب الأرض والمغتصبين الصهاينة، والفصيل المنتصر فصيل إسلامي تصعب السيطرة الغربية عليه، بما يعني إمكانية أو بداية مشروع تحرير فلسطين بيد أبنائها، دون اعتماد على العرب الواهنين.. المضمون خضوعهم للحلف الصهيوني الأمريكي، تماما مثل قصة الطائر وابنه الذي سمع صاحب الشجرة يبحث عمن يساعده في قطعها، ولم يترك الطائر عشه عليها إلا عندما علم باعتماده على نفسه. إذاً فقد تجاوز الفلسطينيون كل الخطوط الحمراء، وأصبح الكيان الصهيوني في خطر.. وكانت النتيجة أن تكهرب الجو في أوربا وأمريكا، وتنادوا مصبحين.. كما لم يتنادوا في الحرب العالمية. ونظرا لأن السفـّاح بوش لم يكن في حال تسمح له بأن يطل برأسه مرة أخرى في المنطقة، فقد كلف الحلف الصهيوأمريكي قادة الاتحاد الأوربي لإلغاء كل مواعيدهم والتوجه فورا إلى المنطقة العربية، ابتداء بشرم الشيخ ثم القدس المحتلة لوضع الخطط الشيطانية التي تحاصر المجاهدين وتمنع عنهم السلاح، بل وربما الطعام والشراب. ولقد كشف هؤلاء المنافقون أنفسهم بعدم الإشارة من قريب أو بعيد للمذابح الصهيونية بما يعني رضاهم التام بكل ما حدث.. وهذا يدفعنا كشعوب عربية للتفكير مليا في مقاطعة منتجات الاتحاد الأوربي لأنه لا أمل في الأنظمة.
إضـــاءات:
• كارثة والله أن يفلت المجرمون الصهاينة من العقاب بعدما خرّبوا غزة، والكارثة الأكبر أن يعاونهم البعض على تحقيق ما فشلت الحرب في تحقيقه من استمرار للحصار ومنع الأسلحة.. ما الذي يمنعهم من تكرار المذابح؟.
• ليت الأنظمة العربية تفهم آليات الصراع وتستقر على رأي: هل غزة محتلة؟.. وبالتالي يجب علينا وعلى العالم كله دعم المقاومة بالسلاح والمال لتحريرها، أم أنها محررة؟.. وبالتالي فمن حقها تكوين جيش وإنشاء مطار وميناء والتعامل مع العالم الخارجي دون تدخل الكيان الصهيوني؟.
• الإصرار الصهيوأمريكي على دعم عباس وفياض بالاسم واشتراط مرور مساعدات التعمير من خلالهما رغم انتهاء ولاية عباس ساهم أكثر في حرقهما وكشفهما أمام الشعب الفلسطيني الذكي.
• ليست الرجولة في تخصيص الأموال لتعمير غزة.. ولكن الرجولة الحقيقية أن ينجح العرب في توصيلها لمن يستحق ومنع الحلف الصهيوأمريكي من التحكم فيها.... أين هؤلاء الرجال؟، ولماذا نسمح لهذا الحلف بالتدخل في مصارف أموالنا؟!.
• هل يكفي قمة الوهن العربي أن (تطالب) بانسحاب العدو وبمحاكمة مجرميه دون سعي وجهد دبلوماسي؟، وما البديل إن رفض العدو؟، وماذا فعل العرب النائمون لتنفيذ حكم الجدار العازل؟.. أليس ما يقترفه العدو- خصوصا أثناء عقد القمة- إهانة لكل الأنظمة الواهنة؟. من الذي سيتابع القضية؟؟؟.
• لماذا فـَتـُرت الجماهير العربية وتوقفت المظاهرات؟.. إن ما يحدث الآن أخطر مما حدث أثناء المحرقة، ويجب على الجماهير أن تستمر وأن تـُظهر الامتعاض من الاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة، وأيضا الجامعة العربية

مشكووووووووور اخوي على الموضوع وما قصرة سلمة يداك

تسلم على الموضوع الرائع تسلم وماقصرة

نتضر اباعاتك